شذرات 2025 - 6 | إليكِ أكتب.
إليكِ أكتب إليكِ أكتب، أنتِ البعيدة، بعيدةٌ جدًا حدّ السراب، لستِ هنا قريبة، ولا حتى ظلّكِ يلامس الأعتاب، والغياب من دونكِ اشتدّ، واتسع، وما حولي سوى عزلةٍ وهلاك. أيتها البعيدة، لم يعد هناك من يتجول جانبي، رحلوا، حينَ رحلتِ. أكتب الآن، لأنني ما عدت أحتمل، فبعدكِ، علّمني كيف أُتحدث مع الصمت، كيف أكتب على الجدران شوقي جدران الوحدة التي إلتفت حولي هذه الجدران تحاصرني، تلتفّ حولي كالألم. أكتب اسمكِ، مرّاتٍ لا تُحصى، وأمحوه، ثم أكتبه في اليوم التالي، كأنّي أُصرّ أن أُبقيكِ في ذاتي. قلبي ما عاد ذلك القلب المتّزن، اتزانه ظاهري فقط، فكلّما مرّ طيفكِ، تعثر، وسقط في اليأس. أكتب إليكِ لأن وجعي، أصبح جسداً يسكنني، لم أعد أجد ذراعًا أرتمي إليها، ذلك الأمان الذي يحتضنني، تهتُ حين غابت يداكِ، ذاك الوطن الذي غرقت فيه، واشتقتُ لظلكِ الذي أركن إليه في وقوفكِ، كلما أوشكتُ على الانهيار. كنتُ أخشى أن أحبكِ، واليوم، أخشى أن يسكنني غيابكِ، ففي لحظات الغياب أحتاجكِ، حاجة الرئة للهواء، لا تراه، لكنها تختنق ح...