المشاركات

عرض المشاركات من 2025

الرسائل 2025 - الرسالة الثانية | يوم الأربعاء 20/8/2025

صورة
الأربِعَاء السّاعة الرَقمِية تُشير للرَابِعة والنِصف عصرًا.   أفكِّر بكِ، أنتِ ذلكَ الخيالُ الذي يُطاردني، يُريدُني أن أكتُب له، أن أعَيش بين كلمِاتي وأقُول ما يجرِي في لحظاتي؛ وما يختبئ بين تِلك السُطور، وفي الفَراغات التي تتسلل بَين الحُروف. يُريد خَيالكِ أن يعرف كلُّ شيء، ولن أُخفي عَنه شيئًا. رُبَّما اليَوم، حِين استيقظت، لم أكن سعيدًا؛ فخيالك لم يكن حاضرًا، بل كان بعيدًا، يسرح في جوّ ماطر وسماء مُثقلة بالغيوم. كان المطر يهطل بخفة ورقة، يُشعر الجميع بالحب، إلا أنني كنت أراقبه دون أن أشعر تجاهه بشيء؛ بل كان يملأني بغموض، كأن المَطر يُرَاقِبني، ويتتبع كل حركاتي. نظرت إلى القطرات المتساقطة على الأرض، وركزت بصري على نقطة واحدة؛ كان المطر ينهمر عليها بلطف، ومع ذلك كانت القطرات تصنع ثقبًا في التراب، ليس غائرًا، ولكنه يبقى كجرح في نظري. أبعدت نظري عن المطر وعدت أُحدّق في غرفتي؛ فوجدتها فارغة. وكنت حينئذٍ مُرهقًا، لا أدري من أين جاء هذا الإرهاق؛ كان ملازمني منذ لحظة أن فتحت عينيّ. يبدو أن حلمي كان شاقًا، ولذلك كنت مُرهقًا.   هُناكَ مَجموعةٌ منَ الأشخاصِ يحرُثون الأ...

الرسائل 2025 - الرسالة الأولى | يوم الإثنين 12/8/2025

   الرسالة الأولى  مساء يوم الإثنين  تاريخ 12/8/2025   أكتبُ إليكِ في هذه اللحظات المليئة بالوحدة، أكتبُ إليكِ وأنتِ أمامي كطيف، وأنتِ بداخلي كفكرة. أكتبُ إليكِ لتكوني حقيقة، وأتحدثُ إليكِ كلَّ يوم.   أكتبُ الآن على ضوء شاشة الحاسوب، هذا الحاسوب الذي لا ينطفئ، فهو موصولٌ طوال وقته بالكهرباء؛ فإن انقطعت الكهرباء في أي لحظة، ماتَ تباعًا. أكتبُ إليكِ في هذا المساء الساكن، وأنا أستمع للمطربة نازك وهي تغنّي وتقول:   "فأغرقتْ خيالَها كما تشاءُ وتشتهي، واستغرقتْ في رقصةٍ ورقصةٍ لا تنتهي".   بصوتها الراقي ولحنٍ فاتن، أستمع وأنا في غرفتي التي تشبه صندوقًا مظلمًا، أغلقتُه على نفسي بإحكام، وليس في هذا الصندوق أيُّ مكانٍ للتنفس، فقد صنعته جيّدًا لئلّا يدخل إليه أي ضوء.   استيقظتُ متأخرًا في هذا الصندوق، فهو مقاومٌ لأضرار الزمن، يستطيع أن يجعل الأيام تمضي دون أن ندركها. استيقظتُ وخرجتُ من قبري هذا، كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف. نظرتُ إلى الجوال بعينٍ واحدة، كما يفعل الآخرون حين يستيقظون. وقتٌ يليق بشخصٍ غير مكترث بما يحدث حو...

شذرات 2025 - 6 | إليكِ أكتب.

صورة
إليكِ أكتب   إليكِ أكتب، أنتِ البعيدة، بعيدةٌ جدًا حدّ السراب، لستِ هنا قريبة، ولا حتى ظلّكِ يلامس الأعتاب، والغياب من دونكِ اشتدّ، واتسع، وما حولي سوى عزلةٍ وهلاك. أيتها البعيدة، لم يعد هناك من يتجول جانبي، رحلوا، حينَ رحلتِ.   أكتب الآن، لأنني ما عدت أحتمل، فبعدكِ، علّمني كيف أُتحدث مع الصمت، كيف أكتب على الجدران شوقي جدران الوحدة التي إلتفت حولي هذه الجدران تحاصرني، تلتفّ حولي كالألم. أكتب اسمكِ، مرّاتٍ لا تُحصى، وأمحوه، ثم أكتبه في اليوم التالي، كأنّي أُصرّ أن أُبقيكِ في ذاتي. قلبي ما عاد ذلك القلب المتّزن، اتزانه ظاهري فقط، فكلّما مرّ طيفكِ، تعثر، وسقط في اليأس. أكتب إليكِ لأن وجعي، أصبح جسداً يسكنني، لم أعد أجد ذراعًا أرتمي إليها، ذلك الأمان الذي يحتضنني، تهتُ حين غابت يداكِ، ذاك الوطن الذي غرقت فيه، واشتقتُ لظلكِ الذي أركن إليه في وقوفكِ، كلما أوشكتُ على الانهيار.   كنتُ أخشى أن أحبكِ، واليوم، أخشى أن يسكنني غيابكِ، ففي لحظات الغياب أحتاجكِ، حاجة الرئة للهواء، لا تراه، لكنها تختنق ح...

شذرات 2025 - 5 | رنين.

رنين قالت: ستأتي حِينما يلوح النجم على ثغرِ السماءِ، وفي حينِ المساءِ، والليلُ يجثو باسترخاء، غابتْ بلا أثر، وظللتُ أُحصي أوقاتِ السَّحر، وأُحصي تلكَ الخُطى التي لم تُتّبَع، تلكَ الخُطى التي مشتْ على الهواء، وبَقيتُ هناكَ أنتظر، لأكتبَ اسمَها على ضوءِ القمر، ويَختبئ في ظلمتي ذاكَ الضباب، وأختفي بينَ خُطاها التي لم تَنكسِر. انتظرتُ، كما ينتظرُ المُحبُّ لقطراتِ المطر، أن تَروي أرضًا جَدباء، قد ماتتْ منذ زمنٍ قد عَبَر الوقتُ فيهِ يمشي كسكينٍ يُطعَنُ في كَبِد. انتظرتُ هناك، رنينَ هاتفي، وظلَّ الهاتفُ صامتًا، قد أصابه الخَرَس، لا غناءَ ولا أنين، وأنا بينَ هدوءِ رنّاتِ الزمن، أتهجّى حروفًا قد صمتت بداخلي، وما بقيَ غيرُ الشوقِ يُحييني. فبتُّ أتذكَّر، دِفءَ الربيع الذي يسكنُ حُضنَها، وعينَها التي يَغرَقُ فيها كلُّ ناجٍ من متاعبِ الحياة، ورِماحَ هدبِها الأسود، الذي يُسقِطُني كسَكرانٍ من مجرّدِ نظر فأنا الغريقُ في موعدٍ، لا يسَعني فيهِ إلا أن أنتظر. قالت: سأهتفُ بكَ يا حبيبي. وهدأَ حينها الكونُ، ولم يَعُد فيهِ من مُتّسَع، وسكنَ هذ...

شذرات 2025 - 4 | صومعة.

صورة
صَوْمَعَة   صَمْتٌ مُطْلَقٌ وسُكُونٌ يُبْحِرُ في الفَرَاغِ، وتَحتَ وَطْأَةِ الخَوفِ تَرْتَجِفُ الأرْوَاحُ الهَائِمَة، ويُغَنِّي الأَنِينُ بأَلْحَانِ العَذَابِ على تِلْكَ الشِّفَاهِ الشَّاحِبَة التي جَفَّفَهَا الانتِظَار، انتِظَارٌ تَاهَ في العَدَمِ. يَنْبَثِقُ النُّورُ مِنْ ظُلْمَةِ الصُّدُورِ، والظَّلَامُ الدَّفِينُ يَنْجَلِي بِكَفٍّ مِنْ يَقِينٍ. *** جُدْرَانٌ بِهَا قَدَاسَةٌ تَتَسَلَّقُ عَلَيْهَا الأَسْرَارُ لِيَتِمَّ حِفْظُهَا، وعلى ضِفَافِ الحَيَاةِ، تُحَدِّقُ عَيْنُ الرَّبِّ في خَفَايَا المُذْنِبِينَ، وبِكُلِّ رَحْمَةٍ تَغْسِلُهُم بِسَخَاء. *** كُلُّ رُكْنٍ مِنَ الإِيمَانِ يَسْكُنُهُ دُعَاءٌ غَامِضٌ لا يُرَى، يُهْمَسُ في السَّحَر، يُقَالُ فِيهِ كُلُّ شَيْء، لِيُحَقِّقَ الأَمَانِيَ البَعِيدَة. *** مَاءٌ سَاكِنٌ، وفَرَاغٌ يُنَاوِرُ الحَقِيقَةَ، وأَسْرَارٌ تَرْتَطِمُ في الخَفَاءِ قَبْلَ أَنْ تَلْفِظَ مَا بِجَوْفِهَا. *** صَوْمَعَةٌ تَكْسِرُ القُيُودَ، وتُسَافِرُ الرُّوحُ إِلَى أُفُقٍ جَدِيدٍ، أُفُقٍ مُحَرَّرٍ مِنْ...