نثر 2022 - 1 | عقد الموت

 

عَقْدُ اَلْمَوْتِ

 


تَحَدَّثَ بِلَهْجَةٍ مُتَغَطْرِسَةٍ وَقَالَ:

صَارَعَتْ وَغَلَبَهَا الصِّرَاعُ

ذَلِيلَةً ، حُمِّلَتْ فَوْقَ طَاقَتِهَا

فَشِلَتْ

دَخَلَتْ الصِّرَاع

بِرَقْمٍ اِتَّشَحَ بِالضّعْفِ

فَانْسَدَّ شِرْيَان المَالِ

وَذَهَبَ العَقْد.


* * *


أَخَذَ هُوَ اَلْعَقْدُ

عَلَى أَمَلِ أَنْ تَعْزِفَ

الأيَّامُ لَهُ مَالاً.

أَوَى بِجَوْفِهِ حُلْم

"مَالًا" يَتَأَجَّجُ عَلَى الأَرْضِ

صُخُورًا مُتَفَتِّتَةً

تَسُدُّ جُوعَ الدَّرْبِ

يَطْمِرُهَا سَوَادٌ

تَتَجَشَّأُ جِرَاح العُمَّالِ .


* * *


جَلَبَهُمْ وَنَثَرَهُمْ كَالبُذُورِ

يَظِنُّ بِأنَّها تُزْهِر وتُورِق

بِثَرثَرتِهِ،

فبِتَعامُلِهِ هَذا، لا تُستَولد

فَكَيفَ لِبذْرَةٍ بِلا رُوحٍ أَنْ تَنمُو

فِي حَقلٍ مِن نَارٍ

والسِّيَاج سُلْطَة بَشْبُوشِيْة غَاشِمَةً.

رَحَلَ يَخْطُو لِيَزدَهِر

خُطُوَاتٍ عَمْيَاء، المَوْتُ يَتَتَبَّعُهَا

وَالعَتْمَةُ تَختَبِئُ بِهَا

تُومِضُ عَيْنَاهُ سَوَادًا

يُرْعِبُ العُمَّال،

فَفِي عَيْنَيْهِ بَرٌّ لِعَالَمٍ قَاتِمٍ

العُمَّال فِيهِ سُجُنَاءُ

لا يَمْسَحُ عَلَى اَلْجِرَاحِ

فَهُوَ سَبَبُهَا

يُثِيرُهُمْ ظَمَأٌ،

يُوقِدُ فِي فَتِيلِ الحُنْجُرَةِ رَدًى

هَلَكَت البُطُون،

تُزَمْجِرُ جُوعًا،

وَالتَّعَبُ لدَيهِمْ هُوَ عَبْدٌ ذَلِيلٌ لَطِيفٌ مَضْمُونَهُ قَحْطٌ

يَتَفَرَعْن بِلُطْفِهِ الدَامِغ.


* * *


يُقْنِعُونَ بِالرِّضَا

وَتُمْلَأُ وُجُوهَهُمْ عَبَسَا وَقَتَّرَا

طَيِّبُونَ، فِي مَلَامِحِهِمْ اَلْبَرَاءَة

يَنْسَوْهَا بِهَمْسِهِ وَجَبَرُوتِهِ

فَيَنْزِف مِنْهُمْ كُلَّ طِيبَة

الغَضَب مَا يُسَيْطِرُ

فَالرُّعْبُ عُنْوَانٌ،

لِمَا يَحْدُثُ فِي فِنَاءِ بَيْتِهِ

فَمَنْ يُرْصَد يُقتَل بِاسْتِبْعَادٍ

وَمَنْ يَهْمِسُ يُخْصَمُ عَلَيْهِ.


* * *


يَضْحَك ... يَسَخَر

 أَنْتَ،

فِي قَبْضَتِهِ

فَهُوَ يُعَرِّشُ مَمْلَكَةً

يُرِيدُ بِهَا أَنْ تَبْلُغَ اَلْأَسْبَابُ

لِيَسْكُنَ فِي أَثِيرِ المَال

وَأَنْتَ،

سَبَبٌ لِلْعُلُوِّ .

عَقْدُ اَلْمَوْتِ،

عَقْدٌ لِشِرَاءِ حَيَاتِكَ

يُرِيدُكَ كَحَرَكَةِ المَدِّ وَالجَزْرِ

ذَاهِبٍ، آتٍ . . . إِلَى أَنْ تَنْحَسِرُ حَيَاتُكَ.

تعليقات